استقالة غسان سلامة تأخرت كثيرا.. وتراخي مجلس الأمن السبب الأكبر

استقالة غسان سلامة تأخرت كثيرا.. وتراخي مجلس الأمن السبب الأكبر

  • استقالة غسان سلامة تأخرت كثيرا.. وتراخي مجلس الأمن السبب الأكبر

اخرى قبل 4 سنة

استقالة غسان سلامة تأخرت كثيرا.. وتراخي مجلس الأمن السبب الأكبر

نيويورك (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”: لم تأت استقالة غسان سلامة من منصبه كمبعوث خاص للأمين العام في ليبيا مفاجأة، بل المفاجأة أنه تحمل كل هذا الإحباط والضغط والنقد والخداع الذي مارسته أطراف النزاع وداعموها من جهة وعدم جدية مجلس الأمن في الالتزام بقراراته من جهة أخرى.

وقال ستيفان دوجريك، المتحدث الرسمي للأمين العام، في مؤتمره الصحافي اليومي، إن استقالة غسان سلامة عُرضت أولا على حسابه في تويتر، وأرسلها للأمين العام بالبريد الإلكتروني حيث بين فيها أنها جاءت لأسباب صحية. وأوضح المتحدث أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قبل الاستقالة وأنه ممتن لإنجازات سلامة وسيبدأ بالبحث عن بديل ليضمن انتقالا سهلا من إدارة سلامة إلى إدارة بديله.

ووفق مكتب “القدس العربي” في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، فإن جملة الاتصالات واللقاءات التي تمت داخل الأمم المتحدة وخارجها تبين أن أسباب الاستقالة ليس لها علاقة بصحة سلامة بل هي نابعة من حالة الإحباط التي وصل إليها بعد سنتين وثمانية أشهر من هذه المهمة الصعبة والتي أحرقت خمسة مبعوثين قبله. فغسان القادم إلى المنصب من خلفية أكاديمية ودبلوماسية وخبرة أمم متحدة في العراق وميانمار كان الأكثر تأهلا للمنصب والأوسع معرفة بالشان الليبي. فإذا كان سلامة قد وصل به الإحباط إلى أن يقفز من السفينة قبل غرقها فلا نعتقد أن أحدا سيأتي إلى المنصب بعصا سحرية. ويبدو أن الأمور مرشحة لمزيد من المواجهات وقد تشهد طرابلس والمناطق الغربية تصعيدا عسكريا غير مسبوق ينفذه اللواء المتقاعد خليفة حفتر والقوات التي يقودها.

وهناك ثلاثة أمور أوصلت غسان سلامة إلى هذا المستوى من الإحباط والحنق بحيث لم يجد أمامه فسحة من أمل يتعلق بها فقدم استقالته غير آسف.

عجز مجلس الأمن

عجز مجلس الأمن عن دعم المبعوث سلامة بشكل جاد، والذي كان قد خاطبه الرجل أكثر من مرة وطالب أعضاءه بتحمل مسؤولياتهم أمام هذا الوضع وخاصة بعد اعتماد القرار 2510 يوم 12 شباط/ فبراير الماضي. يقول غسان سلامة “إن المنطق يقول إنه عندما يتخذ مجلس الأمن الدولي أي قرار فإن الهدف منه هو تنفيذه وليس مجرد اتخاذه. الآن، أنا رجل واقعي وأعلم أن عدداً لا بأس به من قرارات مجلس الأمن تأخذ حيزها إلى التنفيذ، ولكن ليس هناك من ضمانة مطلقة تقول بأن كل قرار يصدر عن مجلس الأمن يلقى تنفيذا في اليوم التالي. هذا أمر ليس صحيحا، وكلنا نعلم ذلك. لكن هنالك قدراً من الأمل موجود بأن مقررات مؤتمر برلين التي ترجمت الآن إلى قرار من مجلس الأمن تعطي صورة عن قدر من التوافق الدولي على انهاء المأساة الليبية. هل سيتم ذلك بين ليلة وضحاها، بالتأكيد لا”. وقال إن مجلس الأمن يقدم له الدعم لكن هل هذا الدعم كاف؟ الجواب لا. فبعض الدول التي تصوت مع قرارات مجلس الأمن تقوم نفسها بخرق تلك القرارات.

عمق الخلافات بين الأطراف الليبية

الخلافات بين الأطراف الليبية عميقة جدا بحيث لم يعد بالإمكان ردمها بسهولة. فقرار وقف إطلاق النار الذي وقع في موسكو يوم 12 كانون الثاني/ يناير لم يحترم خاصة أن حفتر رفض توقيعه. ووثيقة برلين يوم 19 كانون الثاني/ يناير والتي تحولت إلى قرار مجلس أمن (2510) والتي ركزت على الالتزام بحظر توريد السلاح لم تحترم أيضا واستمرت شحنات السلاح الجديد والحديث يصل إلى الأطراف وبشكل متواصل. كما أن قوات حفتر ما فتئت تقصف الأهداف المدنية مثل الميناء البحري والمطارات والمناطق السكنية. فكيف يمكن لغسان سلامة أن يتعامل مع طرفي النزاع بنفس المسطرة عندما يقوم أحدهما بقصف الميناء والمنشئات والمطارات والأسواق والنوادي والأحياء السكنية؟ وإذا كان غسان من الشجاعة أن يدين الجريمة دون ذكر المجرم فهذا يعتبر جبنا وتخاذلا من وجهة نظر الطرف الآخر الذي يتهم المبعوث الخاص بأنه غير حيادي عندما يتحدث فقط عن الجريمة متعاميا عن المجرم.

موازين القوى

يعرف غسان سلامة أن اللاعبين الإقليميين أصبحوا أكثر تصميما وجرأة على تعديل موازين القوى لصالح الحليف. فهناك أسلحة حديثة وصلت لقوات حفتر استُخدم بعضها في قصف الميناء البحري. كما أن هناك مرتزقة بدأوا يصلون لكلا الطرفين وهناك أطراف يبدو أنها تريد أن تستغل انشغال تركيا في شمال غرب سوريا لتدعم خليفة حفتر على أمل حسم المعركة. فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق، كان يراهن على تعديل موازين القوى بالتحالف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وقد نكتشف سريعا أن التصعيد ضد القوات التركية في شمال سوريا له علاقة بما يجري في طرابلس خاصة وأن الإمارات الداعم الأساسي للتدخل الروسي في سوريا والتدخل الروسي لصالح حفتر في ليبيا. وهذا ما أشار إليه سلامة بشكل غير مباشر في مؤتمره الصحافي في جنيف بعد فشل اللقاء السياسي الليبي عندما قال “هناك علاقة ما بين ما يجري في سوريا وما يجري في ليبيا”.

أمام هذه الصورة القاتمة، هل يلام غسان سلامة إذا قدم استقالته ونجا بنفسه قبل أن يشهد الوضع الليبي منازلة كبرى قد يذهب ضحيتها آلاف المدنيين في طرابلس وضواحيها التي تضم ثلث سكان ليبيا؟.

 

التعليقات على خبر: استقالة غسان سلامة تأخرت كثيرا.. وتراخي مجلس الأمن السبب الأكبر

حمل التطبيق الأن